علي الناصية.. في منتصف الشارع.. في إشارة المرور.. أمام متاجر الأكل.. أمام النوادي.. أمام المساجد.. انتشروا في كل مكان بحيث إذا عرفت أن تتفادي واحداً منهم بالجري بالخطوة السريعة، سوف تخبط في الآخر بعد لحظة واحدة.
إنهم جيش الشحاتين الذي احتل الشوارع في مصر في نهار وليل رمضان.. كل الأنواع موجودة من أول الشحات التقليدي الذي يشحت بعاهته مروراً بالأعداد الرهيبة التي ترتدي ملابس الكناسين وجميعهم من الرجال بحكم المهنة، أما السيدات فيحملن الأطفال علي الأكتاف والوسط ويمسكن بالأيدي ما لا يقل عن أربعة أطفال لكل شحاتة،
أما العجائز فحدث ولا حرج.. ولا ينتهي الطابور بمن يحمل علي ظهره آلة سن السكاكين أو يمسك بيده روشته دواء قديمة.
تحولت الشحاتة أو الشحاذة بـ«الفصحي» في مصر إلي تجارة كبيرة تتطلب أدوات وملابس واكسسوارات وإلي سلوك رذيل حيث يلتصق بك الشحات أكبر مسافة ممكنة وأكبر مدة ممكنة مراهناً علي زهقك وتقلص قدرتك علي الصمود التي تنتهي بتقديمك الحسنة لمجرد أن تتخلص من الموقف.
ولكن ما أن تستسلم وتمد يدك حتي يهجم عليك جيش جرار كل منهم يطالب بنصيبه في الغنيمة.
تحت منزلي متجر شهير لبيع الحلويات ومقهي شهير آخر يقصده الشباب مما يجعلني أري عشرات الشحاتين يقضون اليوم كله علي الرصيف وينقضون في لحظة واحدة علي سيارة نزلت صاحبتها لشراء الحلويات، وعلي شاب قرر أن يدخل المقهي.. أستطيع أن أؤكد أن واحداً من مائة هو من يستطيع أن يقاوم ولا يقدم «الحسنة» وغالباً ما يودع بدعاء مريع يجعله يفكر في المرة القادمة مائة مرة قبل أن يرفض.
الشيء الأكيد أن لا أحد في هذه الأيام يؤمن في قرارة نفسه بأن ما يقدمه لهذا الشحات هو حسنة سيكتبها الله في ميزان حسناته أو أن الله يقبل بالفعل دعاء هذا المسخ الذليل، ولكنه يدفع لمجرد التخلص من الموقف المقرف.
ولعل ما شاهدناه في الأفلام والمسلسلات أن كل شحات لديه ثروة كبيرة، أصبح حقيقة لا شك فيها.. فالشحات في شارع شهاب علي سبيل المثال يجمع في اليوم ما لا يقل عن مائة جنيه إذا ما وضعنا في اعتبارنا الزحام الشديد وكثرة عدد المتاجر.
إن الزيادة الرهيبة في أعداد الشحاتين في هذه الأيام ليس فقط أجواء رمضان من مراعاة مشاعر الحرمان ولكنها موجات الفقر التي يتعرض لها الإنسان المصري بانتظام مما يجعل البعض يتنازل عن كرامته وإنسانيته ويخرج إلي الشارع يزاحم الشحاتين التقليديين، ونري ذلك واضحاً في أعداد العجائز من النساء والرجال الذين ذلهم الحال ودار بهم الزمان فلم يجدوا سبيلاً سوي مد أيديهم ليحصلوا علي قوت يومهم.
لقد كشف تقرير لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء عن أن عدد من يتردد علي موائد الرحمن في مصر قد وصل إلي 9.1 مليون، أي حوالي مليونين من المصريين، ولو أن موائد الرحمن قد امتدت أكثر من ذلك وزاد عددها لزاد عدد المترددين عليها إلي ملايين كثيرة خاصة أن 60% من الجالسين في الشوارع علي موائد الرحمن قد اعترفوا أن السبب في ذلك الظروف الاقتصادية وأن 64% منهم من العاملين أي الذين لديهم أجر ولكنه تقلص بسبب الغلاء فلم يعد يكفيهم للأكل.
والسؤال: ماذا سيفعل مجلس الوزراء الذي يستقبل من مركز المعلومات هذه المعلومات ليتخذ فيها قراراً كما هو واضح من الاسم «مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار»؟!.. غالباً سيتخذ قراراً بزيادة موائد الرحمن لتستوعب عدداً أكبر ويصرف بدلة برتقالي أو خضراء ومكنسة لكل مواطن حتي يتصرف بنفسه وليدبر حاله.
ألا يري المسئولون ورجال الدين أن رمضان قد أصبح موسماً للتسول من ناحية وللرشوة من ناحية أخري، وهل هذا يرضي الله والرسول والإسلام والمسلمين؟!
بالطبع أنا لا أنتظر الإجابة ولكني سأتدرب علي الجري بخطوات أسرع حتي أستطيع أن أمشي في شوارع القاهرة في رمضان.
إنهم جيش الشحاتين الذي احتل الشوارع في مصر في نهار وليل رمضان.. كل الأنواع موجودة من أول الشحات التقليدي الذي يشحت بعاهته مروراً بالأعداد الرهيبة التي ترتدي ملابس الكناسين وجميعهم من الرجال بحكم المهنة، أما السيدات فيحملن الأطفال علي الأكتاف والوسط ويمسكن بالأيدي ما لا يقل عن أربعة أطفال لكل شحاتة،
أما العجائز فحدث ولا حرج.. ولا ينتهي الطابور بمن يحمل علي ظهره آلة سن السكاكين أو يمسك بيده روشته دواء قديمة.
تحولت الشحاتة أو الشحاذة بـ«الفصحي» في مصر إلي تجارة كبيرة تتطلب أدوات وملابس واكسسوارات وإلي سلوك رذيل حيث يلتصق بك الشحات أكبر مسافة ممكنة وأكبر مدة ممكنة مراهناً علي زهقك وتقلص قدرتك علي الصمود التي تنتهي بتقديمك الحسنة لمجرد أن تتخلص من الموقف.
ولكن ما أن تستسلم وتمد يدك حتي يهجم عليك جيش جرار كل منهم يطالب بنصيبه في الغنيمة.
تحت منزلي متجر شهير لبيع الحلويات ومقهي شهير آخر يقصده الشباب مما يجعلني أري عشرات الشحاتين يقضون اليوم كله علي الرصيف وينقضون في لحظة واحدة علي سيارة نزلت صاحبتها لشراء الحلويات، وعلي شاب قرر أن يدخل المقهي.. أستطيع أن أؤكد أن واحداً من مائة هو من يستطيع أن يقاوم ولا يقدم «الحسنة» وغالباً ما يودع بدعاء مريع يجعله يفكر في المرة القادمة مائة مرة قبل أن يرفض.
الشيء الأكيد أن لا أحد في هذه الأيام يؤمن في قرارة نفسه بأن ما يقدمه لهذا الشحات هو حسنة سيكتبها الله في ميزان حسناته أو أن الله يقبل بالفعل دعاء هذا المسخ الذليل، ولكنه يدفع لمجرد التخلص من الموقف المقرف.
ولعل ما شاهدناه في الأفلام والمسلسلات أن كل شحات لديه ثروة كبيرة، أصبح حقيقة لا شك فيها.. فالشحات في شارع شهاب علي سبيل المثال يجمع في اليوم ما لا يقل عن مائة جنيه إذا ما وضعنا في اعتبارنا الزحام الشديد وكثرة عدد المتاجر.
إن الزيادة الرهيبة في أعداد الشحاتين في هذه الأيام ليس فقط أجواء رمضان من مراعاة مشاعر الحرمان ولكنها موجات الفقر التي يتعرض لها الإنسان المصري بانتظام مما يجعل البعض يتنازل عن كرامته وإنسانيته ويخرج إلي الشارع يزاحم الشحاتين التقليديين، ونري ذلك واضحاً في أعداد العجائز من النساء والرجال الذين ذلهم الحال ودار بهم الزمان فلم يجدوا سبيلاً سوي مد أيديهم ليحصلوا علي قوت يومهم.
لقد كشف تقرير لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء عن أن عدد من يتردد علي موائد الرحمن في مصر قد وصل إلي 9.1 مليون، أي حوالي مليونين من المصريين، ولو أن موائد الرحمن قد امتدت أكثر من ذلك وزاد عددها لزاد عدد المترددين عليها إلي ملايين كثيرة خاصة أن 60% من الجالسين في الشوارع علي موائد الرحمن قد اعترفوا أن السبب في ذلك الظروف الاقتصادية وأن 64% منهم من العاملين أي الذين لديهم أجر ولكنه تقلص بسبب الغلاء فلم يعد يكفيهم للأكل.
والسؤال: ماذا سيفعل مجلس الوزراء الذي يستقبل من مركز المعلومات هذه المعلومات ليتخذ فيها قراراً كما هو واضح من الاسم «مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار»؟!.. غالباً سيتخذ قراراً بزيادة موائد الرحمن لتستوعب عدداً أكبر ويصرف بدلة برتقالي أو خضراء ومكنسة لكل مواطن حتي يتصرف بنفسه وليدبر حاله.
ألا يري المسئولون ورجال الدين أن رمضان قد أصبح موسماً للتسول من ناحية وللرشوة من ناحية أخري، وهل هذا يرضي الله والرسول والإسلام والمسلمين؟!
بالطبع أنا لا أنتظر الإجابة ولكني سأتدرب علي الجري بخطوات أسرع حتي أستطيع أن أمشي في شوارع القاهرة في رمضان.